سكاكا، المملكة العربية السعودية – 18 يناير 2025 – منطقة الجوف، المعروفة بتراثها الطبيعي الغني، كانت لفترة طويلة منارة للوفرة الزراعية، حيث تقدم أراضيها الخصبة وبساتين النخيل الوارفة غذاءً vital للمجتمعات المحلية. العديد من هذه البساتين الشبيهة بالواحات لا تزال تزدهر، شاهدة على العلاقة المستمرة بين سكان المنطقة وأرضهم. أحد أبرز الأمثلة على هذه التقاليد هو إحياء بستان النخيل العائلي من قبل المواطن المحلي أحمد العرفج، حيث حوله إلى وجهة ريفية ساحرة تمزج بين الماضي والحاضر.
تقع هذه البستانة داخل حي سكني، وقد زرعها والد العرفج قبل أكثر من ستة عقود على قطعة أرض تبلغ مساحتها 1000 متر مربع. ما بدأ كأرض بسيطة للعائلة قد خضع لتحول مدروس إلى ملاذ ريفي جذاب وفريد من نوعه. جمع العرفج بين جمال المنطقة الطبيعي والعناصر الحديثة لإضفاء حياة جديدة على المكان، مما يضمن أنه لا يحافظ فقط على أهميته التاريخية بل يعمل أيضًا كوجهة مرحبة لكل من السكان المحليين والزوار.
تصميم البستان المجدد يدمج بعناية العناصر الطبيعية، مما يخلق توازنًا متناغمًا بين الطبيعة والهندسة المعمارية. أعمدة الإضاءة الخشبية تضيء الآن البستان، مما يضفي توهجًا دافئًا على المكان خلال ساعات المساء. تم إدخال ميزات مائية بعناية، مما يوفر أجواء مهدئة تعزز الأجواء السلمية للبستان. أوراق النخيل، التي كانت لفترة طويلة رمزًا لتراث المنطقة، قد تم استخدامها بمهارة لإنشاء جدار خارجي يحيط بالمكان، مما أضاف سحرًا ريفيًا يستمد من العمارة التقليدية للمنطقة.
البستان ليس فقط ملاذًا للطبيعة بل أيضًا مكانًا للتجمع الاجتماعي. المناطق التقليدية للجلوس، التي تذكرنا بأماكن التجمع التي كانت مركزية للمجتمع في الجوف لفترة طويلة، توفر أماكن مريحة للاسترخاء والمحادثة. تتيح هذه المساحات للزوار الانغماس في الثقافة الإقليمية، مما يعزز الشعور بالمجتمع والارتباط بالماضي. في هذه التفاصيل البسيطة ولكن المهمة، تلتقط البستان جوهر التراث الثقافي الغني لمنطقة الجوف.
بالإضافة إلى كونه ملاذًا هادئًا، أصبح الواحة المجددة مركزًا نابضًا للحياة للفعاليات الثقافية. الآن تستضيف بانتظام عروض الفنون التقليدية، مما يحيي التراث الثقافي الغني للمنطقة. العروض مثل العرضة (رقصة شعبية تقليدية)، السامري (نوع من الشعر والرقص)، الدحة (رقصة تقليدية للاحتفال)، وموسيقى الربابة (موسيقى وترية تقليدية) تُستمتع بها كل من السكان المحليين والزوار على حد سواء، مما يعزز من مكانة البستان كنقطة محورية للحفاظ على التقاليد الفنية للمنطقة والاحتفال بها.
مبادرة العرفج تجسد فهماً أعمق لأهمية الحفاظ على الثقافة والتنمية المستدامة لموارد المنطقة الطبيعية. من خلال دمج التقاليد التاريخية مع التصميم الحديث، أنشأ مساحة تحتفي بإرث منطقة الجوف الزراعي بينما توفر منصة للتعبير الثقافي. أصبح البستان العائلي المجدد رمزًا لكيفية تلاقي التراث والابتكار والمجتمع معًا لخلق إرث دائم، مما يوفر الهدوء والحيوية الثقافية للأجيال القادمة.